كتاب: مجمع الأمثال **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأمثال **


653- تَطَعَّمْ تَطْعَمْ‏.‏

أي ذُقْ حتى يدعوك طعمُه إلى أكله‏.‏

يضرب في الحثِّ على الدخول في الأمر‏:‏ أي ادْخُلْ في أوله يدعوك إلى الدخول في آخره ويرغبك فيه‏.‏

654- تَوَقّرِي يَازَلِزَةُ‏.‏

الزَّلَز‏:‏ القَلَق والحركة‏.‏ يضرب للمرأة الطَّوَّافة في بيوت الحي‏.‏

655- تَسْمَعُ بالُمَعْيِديِّ خَيْرٌ مِنْ أنْ تَرَاهُ‏.‏

ويروى ‏"‏لأنْ تَسْمَعَ بالمعيدي خير‏"‏ و ‏"‏أنْ تَسْمَعَ‏"‏ ويروى ‏"‏تسمع بالمعيدي لا أن تراه‏"‏ والمختار ‏"‏أن تسمع‏"‏‏.‏

يضرب لمن خَبَرُه خَيْرٌ من مَرْآه، ودخل الباء على تقدير‏:‏ تُحَدَّث به خير‏.‏

قال المفضل‏:‏ أولُ مَنْ قال ذلك المنذر ابن ماء السماء، وكان من حديثه أن كُبَيْشَ ابن جابر أخا ضَمْرَة بن جابر من بني نَهْشَل كان عَرَضَ لأمةٍ لزرارة بن عُدُس يقال لها رُشَيَّة كانت سَبِيَّةً أصابها زُرَارة من الرُّفَيْدَات، وهو حي من العرب، فولدت له عمرا وذُؤَيْبا وبُرْغوثا، فمات كُبَيْش ‏.‏ وترعرع الغِلْمَة، فقال لقيط بن زرارة‏:‏ يا رُشَيَّة مَنْ أبو بَنِيكِ ‏؟‏ قالت‏:‏ كُبَيْش بن جابر، قال‏:‏ فاذهبي بهؤلاء الغِلْمة فغَلِّسِي بهم وجه ضمرة وخَبِّرِيه مَنْ هم، وكان لقيط عدوا لضَمْرة، فانطلقت بهم إلى ضَمْرة فقال‏:‏ ما هؤلاء ‏؟‏ قالت‏:‏ بنو أخيك، فنتزع منها الغِلْمَة، وقال‏:‏ الْحَقِي بأهلك، فرجعت فأخبرت أهلها بالخبر، فركب زُرَارة وكان رجلا حليما حتى أتى بني نَهْشَل فقال‏:‏ رُدُّوا على غِلْمتي، فسبّه بنو نهشل، وأهْجَرُوا له، فلها رأى ذلك انصرف، فقال له قومه‏:‏ ما صنعت ‏؟‏ قال‏:‏ خيرا، ما أحْسَنَ مالقيني به قومي، فمكث حولا ثم أتاهم فأعادوا عليه أسْوَأ ما كانوا قالوا له، فانصرف، فقال له قومه‏:‏ ما صنعت‏؟‏ قال‏:‏ خيرا قد أحْسَنَ بنو عمي وأجملوا، فمكث بذلك سبعَ سنين يأتيهم في كل سنة فيردونه بأسوأ الرد، فبينما بنو ‏[‏ص 130‏]‏ نهشل يسيرون ضُحًى إذ لحق بهم لاحِقٌ فأخبرهم أن زرارة قد مات، فقال ضمرة‏:‏ يا بني نهشل، إنه قد مات حليم إخوتكم اليوم فاتقوهم بحقهم، ثم قال ضمرة لنسائه‏:‏ قِفْنَ أقْسِمْ بينكن الثكل، وكانت عنده هند بنت كرب بن صفوان وامرأةٌ يقال لها خُلَيْدَة من بني عجل وسَبِية من عبد القيس وسَبِية من الأزد من بني طَمَثان، وكان لهنَّ أولاد غيرَ خُليدة، فقالت لهند وكانت لها مُصَافية‏:‏ ولى الثكلَ بنتَ غيرِك، ويروى وَلِّى الثكل بنت غيرك، على سبيل الدعاء، فأرسَلَتْها مثلا، فأخذ ضمرة شِقَّةَ بن ضمرة وأمه هند وشهابَ بن ضمرة وأمه العبدية وعَنْوَة بن ضمرة وأمه الطمثانية، فأرسل بهم إلى لَقيط بن زُرَارة وقال‏:‏ هؤلاء رُهُن لك بغِلْمَتك حتى أرضيك منهم، فلما وقع بنو ضمرة في يَدَيْ لقيط أساء ولايتهم وجفاهم وأهانهم، فقال في ذلك ضمرة بن جابر‏:‏

صرمْتُ إخاء شِقَّةَ يوم غَوْلٍ * وإخْوَته فلا حَلّتْ حِلالى

كأني إذ رَهَنْتُ بنيَّ قَوْمِي * دفعتهمُ إلى الصُّهْبِ السِّبَالِ

ولم أرْهَنْهُمُ بدمٍ، ولكن * رهنتهمُ بصُلْحٍ أو بمالِ

صرمْتُ إخاء شقة يوم غَوْلٍ * وحق إخاء شقَّةَ بالْوِصَالِ

فأجابه لقيط‏:‏

أبا قَطَن إنّي أراكَ حزيناً * وإن العَجُولَ لا تبالي حنينا

أفِي أنْ صَبَرتُم نصفَ عامٍ لحقنا * ونحنُ صبرنا قَبْلُ سَبْعَ سنينا

فقال ضمرة ‏[‏بن جابر‏]‏‏:‏

لعمرك إنني وطِلاَب حُبَّي * وترك بنيّ في الشُّرَطِ الأعادي

لَمِنْ نَوْكَى الشيوخ وكَانَ مثلي * إذا ما ضَلَّ لم يُنْعَشْ بهاد

ثم إن بني نَهْشَل طلبوا إلى المنذر بن ماء السماء أن يطلبهم من لَقيط، فقال لهم المنذر‏:‏ نَحُّوا عني وجوهكم، ثم أمر بخمرٍ وطعام ودعا لقيطا فأكلا وشربا، حتى إذا أخذت الخمر منهما قال المنذر للقيط‏:‏ يا خير الفتيان، ما تقول في رجل اختارَكَ الليلَةَ على نَدَامى مُضَرَ ‏؟‏ قال‏:‏ وما أقول فيه ‏؟‏ قال‏:‏ إنه لا يسألني شيئاً إلا أعطيته إياه غير الغِلْمة، قال المنذر‏:‏ أما إذا استثنيت فلستُ قابلا منك شيئاً حتى تعطيني كلَّ شيء سألتك، قال‏:‏ فذلك لك، قال‏:‏ فإني أسألك الغلمة أن تَهَبهم لي، قال‏:‏ سَلْني غيرَهم، قال‏:‏ ما أسألك غيرهم، فأرسل لقيط إليهم فدفَعهم ‏[‏ص 131‏]‏ إلى المنذر، فلما أصبح لقيط لامه قومُه، فندم فقال في المنذر‏:‏

إنك لو غَطَّيْتَ أَرْجَاء هوة * مُغَمَّسة لا يُسْتَثَار تُرَابُهَا

بِثَوْبِكَ في الظلماء ثم دَعَوْتَنِي * لجئْتُ إليها سَادِراً لا أَهابُهَا

فأصْبَحْتُ مَوْجُوداً على مُلَوَّماً * كأنْ نُضِيَتْ عن حائض لي ثيَابُهَا

قال‏:‏ فأرسل المنذر إلى الغِلْمة وقد مات ضَمْرة وكان صديقاً للمنذر، فلما دخل عليه الغِلْمة وكان يسمع بِشِقَّةَ ويعجبه ما يبلغه عنه فلما رآه قال‏:‏ تَسْمَعُ بالمعيدِيِّ خَيْرٌ من أن تراه، فأرسلها مثلا، قال شقة‏:‏ أَبَيْتَ اللعن وأسعدك إلهُكَ إن القوم ليْسُوا بِجُزْرٍ، يعني الشاء، وإنما يعيش الرجلُ بأصْغَرَيْهِ لسانِهِ وقلبه، فأعجب المنذر كلامه، وسره كل مارأى منه، قال‏:‏ فسماه ضَمْرة باسم أبيه، فهو ضَمْرة بن ضمرة، وذهب قوله ‏"‏يعيش الرجل بأصغريه‏"‏ مثلا، وينشد على هذا‏:‏

ظننت به خَيْراً فقصَّرَ دونه * فيارُبَّ مظنونٍ به الخيرُ يُخْلِفُ

قلت‏:‏ وقريبٌ من هذا ما يُحْكَى أن الحجاج أرسل إلى عبد الملك بن مروان بكتاب مع رجل، فجعل عبد الملك يقرأ الكتاب ثم يسأل الرجل فيَشْفِيه بجواب ما يسأله، فيرفع عبد الملك رأسه إليه فيراه أَسْوَدَ، فلما أعجبه ظَرْفه وبيانه قال متمثلاً‏:‏

فإن عَرَارً إن يكُنْ غَيْرَ وَاضِحٍ * فإني أُحِبُّ الْجَوْنَ ذَا الْمَنكِبِ الْعَمَمْ

فقال له الرجل‏:‏ يا أمير المؤمنين هل تدري مَنْ عَرَار ‏؟‏ أنا والله عرار بن عمرو بن شأس الأسدي الشاعر‏.‏

656- تَبَاعَدَتِ العَمَّةُ مِنَ الْخَالَةِ‏.‏

وذلك أن العمة خيرٌ للولد من الخالة، يقال في المثل‏:‏ أتيت خالاتي فأضْحَكْنَني وأفرحنني، وأتيت عماتي فأبكينني وأحزنني، وقد مر هذا في قولهم ‏"‏أَمْرَ مُبكياتك لا أمر مضحكاتك‏"‏ ‏.‏ يضرب في التباعد بين الشيئين‏.‏

657- تَرَكْتُهُ تُغَنِّيهِ الْجَرَادَتَانِ‏.‏

يضرب لمن كان لاهياً في نعمة ودَعَة‏.‏ والجرادتان‏:‏ قَيْنَتَا معاوية بن بكر أَحَدِ العماليق، وإن عادا لما كَذَّبُوا هوداً عليه السلام توالَتْ عليهم ثلاثُ سنوات لم يروا فيها مطراً، فبعثوا من قومهم وَفْداً إلى مكة ليستسقوا لهم، ورأسوا عليهم قَيْلَ بن عنق ولُقَيْم بن هزال ولقمان بن عاد، وكان أهل مكة إذ ذاك العماليق وهم بني عَمْلِيق بن لاوذ بن سام، وكان سيدهم بمكة معاوية بن ‏[‏ص 132‏]‏ بكر، فلما قدموا نَزَلُوا عليه، لأنهم كانوا أَخْوَالَه وأصهاره، فأقاموا عنده شهراً، وكان يكرمهم والجرادتان تغنيانهم، فَنَسُوا قومهم شهراً، فقال معاوية‏:‏ هَلَكَ أخوالي، ولو قلت لهؤلاء شيئاً ظنوا بي بخلا، فقال شعراً وألقاه إلى الجرادتين فأنشدتاه وهو‏:‏

ألا يا قَيْلُ وَيْحَكَ قم فَهَيْنِمْ * لعلَّ اللّه يَبْعَثُها غَمَاما

فَيَسْقِيَ أرضَ عادٍ إِنَّ عادا * قَدَ امْسَوْا لا يُبِينُونَ الكلاما

من العَطَش الشديدِ فليس تَرْجُو * لها الشيخَ الكبيرَ ولا الغُلاَما

وقد كانت نساؤُهُم بخيرٍ * فقد أَمْسَتْ نساؤهم أيامَى

وإن الوحش يأتِيهِمْ جهَاراً * ولا يَخْشَى لعادِىٍّ سِهَاما

وأنتم ههُناَ فيما اشتهيتم * نهارَكُمُ وليلكم التماما

فقبح وَفْدُكم من وفد قومٍ * ولا لُقُّوا التحيةَ والسلاما

فلما غنتهم الجرادتان بهذا قال بعضهم لبعض‏:‏ يا قوم إنما بعثكم قومُكم يتغوَّثون بكم، فقاموا لِيَدْعُوا، وتخلف لقمان، وكانوا إذا دعوا جاءهم نِدَاء من السماء‏:‏ أَنْ سَلُوا ما شئتم فتعطون ما سألتم، فدعوا ربهم، واستسقوا لقومهم، فأنشأ الله لهم ثلاثَ سحاباتٍ بيضاء وحمراء وسوداء، ثم نادى مناد من السماء‏:‏ يا قَيْلُ اخْتَرْ لقومك ولنفسك واحدة من هذه السحائب، فقال‏:‏ أما البيضاء فجفل، وأما الحمراء فعارض، وأما السوداء فهطلة وهي أكثرها ماء، فاختارها، فنادى منادٍ‏:‏ قد اخترت لقومك رماداً رمداً، لا تبقى من عاد أحداً، لا والداً ولا ولداً، قال‏:‏ وسير الله السحابة التي اختارها قَيْلٌ إلى عاد، ونودي لقمان‏:‏ سل، فسأل عُمْرَ ثلاثة أَنْسُرٍ، فأعطى ذلك، وكان يأخذ فَرْخَ النسر من وَكْره، فلا يزال عنده حتى يموت، وكان آخرها لُبَد، وهو الذي يقول فيه النابغة‏:‏

أَضْحَتْ خَلاَء وأَضْحَى أهلُها احْتَلَمُوا * أخْنَى عليها الذي أخْنَى على لُبَدِ

658- تُبَشِّرُنِي بِغُلاَمِ أَعْيَا أَبُوهُ‏.‏

وذلك أن رجلا بُشِّرَ بولد ابن له، وكان أبوه يَعُقُّه، فقال هذا، قال الشاعر‏:‏

تَرْجُو الوليدَ وقد أعياكَ والدُه * وما رَجَاؤُكَ بعدَ الوالِدِ الوَلَدا

659- تَرَكْتُهُ يَصْرِفُ عَلَيْكَ نَابَهُ‏.‏

يُضْرب لمن يغتاظ عليك، ومثله ‏"‏تركته يحرّق عَلَيْك الأرَّمَ‏"‏ ‏[‏ص 133‏]‏

660- تَعْساً لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ‏.‏

كلمة يقولها الشامت بعَدُوه، يقال‏:‏ تَعِسَ يَتْعَسُ تَعْساً إذا عثر، وأتعسه اللّه، و ‏"‏لليدين‏"‏ معناه على اليدين‏.‏

661- تَرَكْتُهُ يَفُتُّ اليَرْمَعَ‏.‏

يقال للحصا البيض‏:‏ يَرْمَع، وهي حجارة فيها رَخَاوة، يجعل الصبيان منها الخَذَارِيفَ‏.‏

يضرب للمغموم المنكسر‏.‏

662- تَرِبَتْ يَدَاكَ‏.‏

قال أبو عُبَيد‏:‏ يقال للرجل إذا قل ماله ‏"‏قد تَرِبَ‏"‏ أي افتقر حتى لَصِق بالتراب، وهذه كلمة جارية على ألسنة العرب يقولونها ولا يريدون وقوع الأمر، ألا تراهم يقولون‏:‏ لا أَرْضَ لك، ولا أُمَّ لك، ويعلمون أن له أرضاً وأماً، قال المبرد‏:‏ سمع أعرابي في سنة قَحْط بمكة يقول‏:‏

قد كُنْتَ تَسْقِيَنا فما بَدَا لَكَا * رَبَّ العباد ما لَنَا ما لَكَا

أنزل علينا الغيث لا أبا لكا*

قال‏:‏ فسمعه سليمان بنُ عبد الملك فقال‏:‏ أشهد أنه لا أبا له ولا أم ولا ولد‏.‏

663- تأْبَى لَهُ ذَلِكَ بَنَاتُ أَلْبُبِي‏.‏

قالوا‏:‏ أصل هذا أن رجلا تزوج امرأة وله أُمّ كبيرة، فقالت المرأة للزوج‏:‏ لا أنا ولا أنت حتى تُخْرِجَ هذه العجوز عنا، فلما أكثَرَتْ عليه احتملها على عُنقه ليلا، ثم أتى بها وادياً كثير السباع فرمى بها فيه‏.‏ ثم تنكر لها، فمرَّ بها وهي تبكي، فقال‏:‏ ما يبكيك با عجوز ‏؟‏ قالت‏:‏ طَرَحَنِي ابني ههنا وذهب وأنا أخاف أن يفترسه الأسد، فقال لها‏:‏ تبكين له وقد فعل بك ما فعل ‏؟‏ هلا تدعين عليه، قالت‏:‏ تأبى له ذلك بَنَاتُ أُلْبُبي ‏.‏

قالوا‏:‏ بناتُ ألْبُب عُرُوقٌ في القلب تكون منها الرِّقَّة، قال الكُمَيْت‏:‏

إليكم ذَوِى آلِ النَّبِيِّ تطَلَّعْت * نَوَازُع من قلبي ظماءٌ وألْبُب

والقياس ألُبٌّ، فأظهر التضعيف ضرورة‏.‏ يضرب في الرقة لذوي الرحم‏.‏

664- اتَّقَى بِسَلْحِه سَمُرَةُ‏.‏

أصل ذلك أن رجلا أراد أن يضرب غلاماً له يسمى سَمُرة، فسلَح الغلام، فترك سيدُه ضربَه، فضُرِبَ به المثل‏.‏

665- اتَّقِ الصِّبْيَانَ لاَ تُصِبْكَ بأَعْقَائِهَا‏.‏

الأعقاء‏:‏ جمع العِقْي، وهو ما يخرج من بطن المولود حين يولد‏.‏ ‏[‏ص 134‏]‏

يضرب للرجل تُحَذِّره من تكره له مصاحبته، أي جَانِبِ المريبَ المتَّهم‏.‏

666- اتَّقِ خَيْرَهَا بِشَرِّهَا وَشَرَّهَا بِخَيْرِهَا‏.‏

الهاء ترجع إلى اللُّقَطَة والضالَّة يجدها الرجل، يقول‏:‏ دَعْ خيرها بسبب شرها الذي يَعْقُبها وقابل شرها بخيرها تجدْ شرَّها زائداً على الخير، وهذا حديث، يروى عن ابن عباس رضى الله عنهما‏.‏

667- تَرَكْتُهُ يُقَاسُ بالْجِذَاعِ‏.‏

يضرب للرجل المُسِنّ‏:‏ أي هو شاب في عقله وجسنه‏.‏

668- تَقْفِزُ الْجِعِثنَ بِي يا مُرَّ زِدْهَا قَعْباً‏.‏

الْجِعثِن‏:‏ أصلُ الصِّلِّيان، ومُرَّ‏:‏ ترخيم مرة، وهو اسم لغلامه، وذلك أن رجلا كان له فرس وكان يَصْبِحُهَا قَعْبا ويَغْبقُها قَعْباً، فلما رآها تقفز الْجَذَاميرَ - وهي أصولُ الشجر - قال‏:‏ لغلامه‏:‏ يا مُرِّ زِدْها قعباً‏.‏

يضرب لمن يستحقُّ أكثَرَ مما يعطَى‏.‏

669- تَقْدِيمُ الْحُرَمِ مِنَ النَّعَمِ‏.‏

يَعْنُون البناتِ، وهذا كقولهم ‏"‏دَفْنُ البنات منَ المَكْرُمَات‏"‏‏.‏

670- أَتْبِعِ الفَرَسَ لِجَامَها والنَّاقَةَ زِمَامَهَا‏.‏

قال أبو عبيد‏:‏ أرى معناه أنك قد جُدْتَ بالفرس واللجامُ أيسرُ خَطْباً فأتِمَّ الحاجة، لما أن الفرس لا غِنَى به عن اللجام، وكان المفضَّلُ يذكر أن المثَلَ لعمرو بن ثعلبة الكلبي أخي عَدِيٍّ بن جناب الكلبي، وكان ضِرار ‏(‏في نسخة ‏"‏خوار بن عمرو‏"‏‏)‏ ابن عمرو الضبي أغار عليهم فسَبَى يومئذ سَلْمَى بنت وائل الصائغ، وكانت يومئذٍ أمةً لعمرو بن ثعلبة، وهي أم النعمان بن المنذر فمضى بها ضِرار مع ما غنم، فأدركه عمرو ابن ثعلبة، وكان له صديقا، فقال‏:‏ أنشدك الإخاء والمودة إلا رَدَدْتَ عَلَيَّ أهلي، فجعل يرد شيئا شيئا، حتى بقيت سَلْمَى وكانت قد أعجبت ضرارا، فأبى أن يردها، فقال عمرو‏:‏ يا ضرار أَتْبِعِ الفرسَ لجامها، فأرسلها مثلا‏.‏

وقال غيره‏:‏ أصلُ هذا أن ضرار بن عمرو قاد ضَبَّة إلى الشام، فأغار على كلب بن وَبْرة، فأصاب فيهم وغنم وسَبَى الذَّرارى، فكانت في السبي الرائعة قَيْنَة كانت لعمرو ابن ثعلبة وبنت لها يقال لها سَلْمَى بنت عطية ابن وائل، فسار ضِرار بالغنائم والسبي إلى ‏[‏ص 135‏]‏ أرض نجد، وقدم عمرو بن ثعلبة على قومه ولم يكن شَهِدَ غارةَ ضرارٍ عليهم، فقيل له‏:‏ إن ضرار بن عمرو أغار على الحي فأخذ أموالهم وذَرَاريهم، فطلب عمرو بن ثعلبة ضرارا وبني ضبة فلَحِقهم قبل أن يَصِلُوا إلى أرض نجد، فقال عمرو بن ثعلبة لضرار‏:‏ رُدَّ علي مالي وأهلي، فرد عليه ماله وأهله، ثم قال‏:‏ رُدَّ علي قَيْناتي، فرد عليه قينته الرائعة، وحبس ابنتها سلمى، فقال له عمرو‏:‏ يا أبا قَبيصة أتبع الفرسَ لجامها، فأرسلها مثلا ‏.‏

671- اتَّخَذَ اللَّيْلَ جَمَلاً‏.‏

يضرب لمن يَعْمَل العملَ بالليل من قراءة أو صلاة أو غيرهما مما يركب فيه الليل‏.‏

وقال بعض الكتاب في رجل فات بمال، وطوى المراحل‏:‏ اتخذ الليل جَملا، وفات بالمال كَمَلا، وعَبَر الوادي عَجِلا‏.‏

672- تَرَكْتُهُ بِمَلاَحِسِ البَقَرِ أَوْلاَدَهَا‏.‏

أي بحيث تَلْحَسُ البقرُ أولادَهَا، يعني بالمكان القَفْرِ، ويروى ‏"‏بمباحث البقر‏"‏ يقال‏:‏ معناهما تركته بحيث لا يدري أين هو‏.‏

673- اتَّخَذُوهُ حِمَارَ الحَاجَاتِ‏.‏

يضرب للذي يمتهن في الأمور‏.‏

674- تَرَكْتُهُ جَوْفَ حِمَارِ‏.‏

قال الأصمعي‏:‏ معناه لا خير فيه ولا شيء ينتفع به ‏.‏ وذلك أن جَوْف الحمار لا ينتفع منه بشيء، وقال ابن الكلبي‏:‏ حمار رجل من العمالقة، وجَوْفُه‏:‏ وَادِيه‏.‏

قلت‏:‏ وقد أوردت ذكره في قولهم ‏"‏أكفر من حمار‏"‏ في باب الكاف‏.‏

675- تَطْلُبُ ضَبَّاً وَهَذَا ضَبٌّ بَادٍ رَأسُهُ‏؟‏

ويروى ‏"‏مُخْرِجٌ رأسَه‏"‏ قال عطاء ابن مصعب‏:‏ زعموا أن رجلين وَتَرا رجلا وكل واحد منهما يسمى ضبا، فكان الرجل يتهدَّد النائي عنه ويترك المقيم معه جُبْنا، فقيل له‏:‏ تطلب ضبا يعني الغائب وهذا ضب بادٍ رأسُه يعني الحاضر‏.‏ يضرب لمن يجبن عن طلب ثأره‏.‏

676- تَفْرَقُ مِنْ صَوْتِ الغُرَابِ وتَفْرِسُ الأسَدَ المُشَتَّمَ‏.‏

ويروى ‏"‏المُشَتَّم‏"‏ من الشِّبَام وهي خَشَبة تعرض في فم الجَدْي لئلا يرضف أمه، ويعني ههنا الأسد الذي قد شدُّوا فاه، ومن روى ‏"‏المشَتَّمَ‏"‏ جعله من شَتَامة الوجه‏.‏

وأصلُ المثل أن امرأة افترست أسدا ثم سمعت صوت غراب ففزغت منه‏.‏ ‏[‏ص 136‏]‏

يضرب لمن يخاف الشيء الحقير ويُقْدِم على الشيء الخطير‏.‏

677- تَقِيسُ المَلاَئِكَةَ إِلَى الحَدَّادِينَ‏.‏

قال المفضل‏:‏ يقال إن أصل هذا المثل أنه لما نزلت هذه الآية ‏{‏عليها تسعة عشر‏}‏ قال رجل من كفار مكة من قريش من بني جُمَح يُكَنْى أبا الأشدّين‏:‏ أنا أكفيكم سَبْعَة عشر، واكفوني اثنين، فقال رجل سمع كلامه‏:‏ تَقِيسُ الملائكة إلى الحدادين، والحد‏:‏ المَنْعُ والسجن، والحدادون‏:‏ السجانون، ويقال لكل مانعٍ‏:‏ حَدَّاد‏.‏

678- تِلْكَ أَرْضٌ لاَ تقُضُّ بِضْعَتُها‏.‏

ويروى ‏"‏لاتَنْعَفِر بِضْعَتها‏"‏ أي لكثرة عُشْبها لم وقعت بِضْعَة لحمٍ على الأرض لم يُصِبها قَضَض، وهي الحصى الصغار ‏.‏ يضرب للجَنَاب المُخْصِب‏.‏

679- تَحْمِل عِضَةٌ جَنَاهَا‏.‏

أصل ذلك أن رجلا كانت له امرأة، وكانت لها ضَرَّة، فعمدت الضرة إلى قَدَحَيْن مشتبهين فجعلت في أحدهما سَوِيقا وفي الآخر سما، ووضعت قَدَحَ السويق عند رأسها والقدحَ المسمومَ عند رأس ضرتها لتشربه، ففطنت الضرة لذلك، فلما نامت حَوَّلت القدحَ المسمومَ إليها، ورفعت قدحَ السويق إلى نفسها، فلما انتبهت أخذت قدحَ السم على أنه السويق فشربته، فماتت، فقيل‏:‏ تحمل عِضَة جَنَاها ‏.‏ الجنى‏:‏ الحمل، والعِضَة‏:‏ واحدة العِضَاه وهي الأشجار ذواتُ الشَّوْك، يعني أن كل شجرة تحمل ثمرتها، وهذا مثل قولهم ‏"‏مَنْ حَفَرَ مَهْوَاةً وَقع فيها‏"‏‏.‏

680- تَطأْطَأْ لَهَا تُخْطِئْك‏.‏

الهاء للحادثة، يقول‏:‏ اخْفِضْ رأسك لها تُجَاوِزك، وهذا كقولهم ‏"‏دع الشرّ يَعْبُر‏"‏ ‏.‏ يضرب في ترك التعرض للشر‏.‏

681- التَّقَدُّمُ قَبْلَ التَّنَدُّمِ‏.‏

هذا مثل قولهم ‏"‏المُحَاجرة قبل المناجزة‏"‏‏.‏ يضرب في لقائك مَنْ لا قوام لك به‏.‏ أي تقدّم إلى ما في ضميرك قبل تندّمك، وقال الذي قَتَل محمدَ بن طلحة بن عبيد الله يوم الجَمَل‏:‏

وأشْعَثَ قوَّام بآياتِ ربه * قليل الأذى فيما تَرَى العين مُسْلِمِ

يذكِّرُنِي حَامِيَم والرمحُ شاجر * فهلا تَلاَحاميمَ قبل التَّنَدم

682- التَّجَرُّدُ لِغَيْرِ النِّكَاحِ مُثْلَةٌ‏.‏

قالته رَقَاشِ بنتُ عمرو لزوجها حين ‏[‏ص 137‏]‏ قال لها‏:‏ اخْلَعِي دِرْعَكِ لأنظر إليك، وهي التي قالت أيضاً‏:‏ خَلْعُ الدرع بيد الزوج، فأرسلتهما مثلين ‏.‏

يضرب في الأمر بِوَضْعِ الشيء موضعه‏.‏

683- التَّمْرَةُ إِلَى التَّمْرَةِ تَمْرٌ‏.‏

هذا من قول أُحَيْحَة بن الجُلاَح، وذلك أنه دخل حائطا له فرأى تمرةً ساقطة، فتناولها فعُوتِب في ذلك، فقال هذا القول، والتقدير‏:‏ التمرة مَضْمومة إلى التمرة تمر، يريد أن ضم الآحاد يؤدي إلى الجمع، وذلك أن التمر جنس يدل على الكثرة‏.‏ يضرب في استصلاح المال‏.‏

684- التَّمْرُ فِي البِئْرِ، وَعَلَى ظَهْرِ الجَمَلِ‏.‏

أصل ذلك أن مناديا فيما زعموا كان في الجاهلية يكون على أُطُمٍ من آطام المدينة حين يُدْرِكُ البُسْرُ، فينادي‏:‏ التمر في البئر، أي مَنْ سَقَى وجَدَ عاقبة سقيه في تمره، وهذا قريب من قولهم ‏"‏ عند الصَّبَاح يَحْمدُ القومُ السُّرَى‏"‏‏.‏

685- تَرَى الفِتْيَانَ كالنَّخْلِ ومَا يدْرِيكَ مَا الدَّخْلُ‏.‏

الدَّخْل‏:‏ العَيْبُ الباطن‏.‏

يضرب لِذِي المَنْظَر لا خَيْر عنده‏.‏

قال المفضل‏:‏ أولُ من قال ذلك عَثْمَة بنت مَطْرودٍ البُجَيْلِيَّة، وكانت ذاتَ عقلٍ ورأى مستمع في قومها، وكانت لها أخت يقال لها خود، وكانت ذات جَمَال ومِيسَم وعَقْل، وأن سبعة إخوة غلمة من بطن الأزْد خطَبوا خودا إلى أبيها، فأتوه وعليهم الحُلَل اليمانية، وتحتهم النَّجَائِبُ الفُرَّهُ، فقالوا‏:‏ نحن بنو مالك بن غُفَيْلة ذي النحيين فقال لهم‏:‏ انزلوا على الماء، فنزلوا ليلَتَهم ثم أصبحوا غادِينَ في الحُلَل والهَيْأة ومعهم رَبِيبة لهم يقال لها الشعثاء كاهنة، فمروا بوَصِيدها يتعرَّضُون لها وكلهم وَسِيم جميل، وخرج أبوها فجلسوا إليه فرحَّب بهم، فقالوا‏:‏ بلغنا أن لك بنتا ونحن كما ترى شَبَاب، وكلنا يَمْنَع الجانب، وبمنح الراغب، فقال أبوها‏:‏ كلكم خِيار فأقيموا نَرَى رأينا، ثم دخل على ابنته فقال‏:‏ ما ترين فقد أتاك هؤلاء القوم ‏؟‏ فقالت أنْكِحْني على قَدْري، ولا تُشْطِط في مَهْري، فإن تُخْطِئني أحلامهم، لا تخطئني أجسامهم، لعي أصيب ولدا، وأكثر عَدَدا، فخرج أبوها فقال‏:‏ أخبروني عن أفضلكم، قالت ربيبتهم الشعثاء الكاهنة‏:‏ اسمع أخبرك عنهم، هم إخوة، وكلهم أسْوَة، أما الكبير فمالك، جريء فاتك، يتعب السَّنَابك، ويستصغر ‏[‏ص 138‏]‏ المَهَالك، وأما الذي يليه فالغَمْر، بحر غَمْر، يقصر دونه الفَخْر، نَهْد صَقْر، وأما الذي يليه فعَلْقَمَة، صليب المَعْجَمَة، مَنِيع المشتمة، قليل الجمجمة، وأما الذي يليه فعاصم، سَيِّدٌ ناعم، جَلْد صارم، أبيٌّ حازم، جيشُه غانم، وجاره سالم، وأما الذي يليه فثَوَاب، سريع الجَوَاب، عَتيد الصَّوَاب، كريم النِّصَاب، كلَيْث الغاب، وأما الذي يليه فَمُدْرِك، بَذْول لما يَمْلك، عَزُوب عما يترك، يُفْنِى ويُهْلِك، وأما الذي يليه فجَنْدَل، لقِرْنه مُجَدّل، مقل لما يَحْمِل، يُعْطي ويَبْذُل، وعن عدوه لا يَنْكُل، فشاورت أختها فهيم، فقالت أختها عَثْمَةُ‏:‏ ترى الفِتيان كالنخل وما يدريك ما الدَّخْل، اسمعي مني كلمة، إن شرّض الغريبة يُعْلَن، وخيرها يُدْفَن، انكِحِي في قومك ولا تغررك الأجسام، فلم تقبل منها، وبعثت إلى أبيها أنكِحْنِي مدركا، فأنكحها أبوها على مائة ناقة ورُعَاتها، وحَمَلَها مدرك، فلم تَلْبث عنده إلا قليلا حتى صَبَّحهم فوارسُ من بني مالك بن كنانة، فاقتتلوا ساعة ثم إن زوجها وإخوته وبني عامر انكَشَفُوا فَسَبَوْهَا فيمن سَبَوْا، فبينا هي تسير بكَتْ، فقالوا‏:‏ ما يبكيك ‏؟‏ أعلى فراق زوجك ‏؟‏ قالت‏:‏ قَبَّحه الله‏!‏ قالوا‏:‏ لقد كان جميلا، قالت‏:‏ قبح الله جمالا لا نَفْع معه، إنما أبكي على عصياني أختي وقولها ‏"‏ترى الفيان كالنخل وما يدريك ما الدخل‏"‏ وأخبرتهم كيف خطبوها، فقال لها رجل منهم يكنى أبا نُوَاس شاب أسود أَفْوَهُ مضطرب الخلق‏:‏ أَتَرْضَيْنَ بي على أن أمنعك من ذئاب العرب، فقالت لأصحابه‏:‏ أكذلك هو‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم إنه مع ما تَرَيْنَ ليَمْنَعُ الحَلِيلة، وتَتَّقِيه القبيلة، قالت‏:‏ هذا أجمل جمال، وأكمل كمال، قد رضيت به، فزوجوها منه‏.‏

686- التّمْرُ بالسَّوِيقِ‏.‏

مثل حكاه أبو الحسن اللحيانيّ‏.‏ يضرب في المكافأة‏.‏

687- تَلَمَّسْ أَعْشَاشَكَ‏.‏

يضرب لمن يلتمس التجنّي والعلل، ومعناه تلمس التنجي والعلل في ذويك‏.‏

688- اتْرُكِ الشَّرَّ يَتْرُكْكَ‏.‏

أي إنما يصيب الشرّ مَنْ تعرض له‏.‏

زعموا أن لقمان الحكيم قال لابنه‏:‏ اتْرُكِ الشر كما يتركَك، أراد كيما يتركك، فحذف الياء ‏(‏الياء أي التي في ‏"‏كيما‏"‏ فصارت ‏"‏كما‏"‏ وأعملها‏:‏ أي نصب بها‏)‏ وأعملها‏.‏ ‏[‏ص 139‏]‏

689- تَرَهْيَأَ القَوْمُ‏.‏

قال الأصمعي‏:‏ وذلك أن يضرب عليهم الرأيُ فيقولون مرة كذا ومرة كذا، ويروى ‏"‏قد تَرَهْيَأَ‏"‏‏.‏

690- تَعِسَتِ العَجَلَةُ‏.‏

أول من قال هذا فِنْدٌ مولَى عائشةَ بنتِ سعد بن أبي وقاص، وكان أحد المغنين المجيدين، وكان يجمع بين الرجال والنساء، وله يقول ابن قَيْس الرُّقَيَّات‏:‏

قل لِفنْدٍ يُشَيِّع الأظْعَانا * طالما سَرَّ عَيْشَنَا وكَفَانا

وكانت عائشة أرسَلَتْه يأتيها بنار، فوجد قوماً يخرجون إلى مصر، فخرج معهم فأقام بها سنةً، ثم قدم فأخذ ناراً وجاء يَعْدُو فعثَرَ وتبدَّد الجمر، فقال‏:‏ تعست العجلة‏!‏ وفيه يقول الشاعر‏:‏

ما رأينا لغُرَابٍ مثَلاَ * إذ بَعَثْنَاه يَجِى بالمشملة

غَيْرَ فِنْدٍ أرسلوه قَابِساً * فَثَوَى حَوْلا وَسَبَّ العَجَلَهْ

المشملة‏:‏ كساء تجمع فيه المقدحة بآلاتها وقال بعضهم الرواية ‏"‏المشملة‏"‏ بفتح الميم وهي مَهَبُّ الشمال، يعني الجانب الذي بعث نوح عليه السلام الغراب إليه ليأتيه بخبر الأرض أَجَفَّتْ أم لا‏؟‏

691- تَهْوِي الدَّوَاهِي حَوْلَهُ وَيَسْلَمُ‏.‏

يضرب لمن يخلَّص من مكروه‏.‏

692- تَغَدَّ بالْجَدْيِ قَبْلَ أَنْ يَتَعَشَّى بِكَ‏.‏

يضرب في أخذ الأمر بالحزم‏.‏

693- تَعَلَّلَ بِيَدَيْهِ تَعَلُّلَ البَكْرِ‏.‏

وذلك أنه إذا شُدَّ بعِقال تعلَّل به، ليحلَّه بفمه‏.‏ يضرب لمن يتعلل بما لا مُتَعَلَّلَ بمثله‏.‏

694- التّقِيُّ مُلْجَمٌ ‏.‏

أي كأن له لجاماً يمنعه من العُدُول عن سَنَن الحق قولا وفعلا، وهذا من كلام عمر ابن عبد العزيز رحمه اللّه‏.‏

695- التَّجَلُّدَ وَلاَ التَّبَلُّدَ‏.‏

يعني أن التجلد يُنْجيك من الأمر، لا التبلد، ونصب التجلد على معنى الزم التجلد ولا تلزم التبلد، ويجوز الرفع على تقدير‏:‏ حقُّك أو شأنُكَ التجلدُ، وهذا من قول أوس بن حارثة، قاله لابنه مالك، فقال‏:‏ يا مالك التجلد ولا التبلد، والمَنِيَّة ولا الدَّنية‏.‏ ‏[‏ص 140‏]‏

696- تُخْرِجُ الْمِقْدَحَةُ ما في قَعْرِ البُرْمَةِ‏.‏

هذا مثل تبتذله العامة، وقد أورده أبو عمرو في كتابه‏.‏

697- تَرَكْتُهُ يَتَقَمُّعُ‏.‏

القَمَع‏:‏ الذبابُ ‏(‏في كتب اللغة ‏"‏القعمة - بالتحريك - ذباب يركب الإبل والظباء إذا اشتد الحر‏"‏‏)‏ الأزرق العظيم، ومعنى يتقمع يَذُبُّ الذباب من فَرضاغه كما يتقمع الحمار، وهو أن يحرك رأسه ليذهب الذباب، قال أَوْس بن حَجَر‏:‏

ألم تر أن اللّه أَنْزَلَ مُزْنَةً * وَعُفْرُ الظباءِ في الكِنَاسِ تَقَمَّعُ

698- تَكَلَّمَ فَجَمَعَ بَيْنَ الأَرْوَى وَالنَّعَامِ‏.‏

إذا تكلم بكلمتين مختلفتين، لأن الأرْوَى تسكن شَغَفَ الجبال، وهي شاء الوحش، والنعام تسكن الفَيَافي، فلا يجتمعان‏.‏

699- تَرَكَ ما يَسُوءُهُ وَيَنُوءُهُ ‏.‏

إذا ترك للوَرَثة مالَه، قيل‏:‏ كان المحبوبي ذا يَسَار، فلما حضرته الوفاة أراد أن يوصي، فقيل له‏:‏ ما نكتب ‏؟‏ فقال‏:‏ اكتبوا ترك فلان - يعني نفسه - ما يسوءه وينوءه، مالاً يأكله وَرَثته ويبقى عليه وزره‏.‏

700- تَبَدَّدَ بِلَحْمِكَ الطيْرُ ‏.‏

يقال هذا عند الدعاء على الإنسان، وقال رجل لامرأته‏:‏

أَزُحْنَةُ عني تطردين، تَبَدَّدَتْ * بلَحْمِكِ طيرٌ طِرْن كُلَّ مَطِيِر

701- تَرَكْتُهُ مُحْرَنْبِئاً لِيَنْبَاقَ‏.‏

الاحرنباء‏:‏ الازبئرار، ويقال‏:‏ المحرنبئ المضمِر لداهية في نفسه، والانبياقُ‏:‏ الهجومُ على الشيء، أي تركته يضمر داهيةً لينفتق عليهم بشر‏.‏

702- تِيسِي جَعَارِ‏.‏

قال الليث‏:‏ إذا استكذبت العربُ الرجل تقول‏:‏ تيسي جَعَارِ، أي كذبتَ، ولم يعرف أصل هذه الكلمة، قال‏:‏ والتيسُ جبلٌ باليمن، ويقال‏:‏ فلان يتكلم بالتيسية، أي بكلام أهل ذلك الجبل‏.‏

703- تَعَلُّقَ الْحَجْنِ بأَرْفَاغِ العَنْسِ‏.‏

الحَجْنُ‏:‏ تخفيفُ الحَجِنِ، وهو الصبي السيء الغِذاء، يقال‏:‏ حَجِنَ حَجَناً، ويراد به القُرَاد ههنا، وأرفاغ العنس‏:‏ بواطن فخذيها وأصولهما‏.‏

يضرب لمن يَلْصَقُ بك حتى ينال بِغيْتَه ونصب ‏"‏تعلق‏"‏ على المصدر، أي تعلَّقَ بي تعلُّقَ، والعَنْس‏:‏ الناقة الصُّلبة‏.‏ ‏[‏ص 141‏]‏

704- تِبْعُ ضِلَّةٍ‏.‏

ويروى ‏"‏صِلَّة‏"‏ بالصاد غيرِ المعجمة، فالتِّبْع‏:‏ الذي يتبع النساء، والضِّلة‏:‏ الذي لا خير فيه فهو لا يهتدي إلى غير الشر، ومن روى بالصاد جعله كالحية الصل، وأراد به الدهاء، كما يقال ‏"‏صِلُّ أَصْلاَلٍ‏"‏ وأدخل الهاء مبالغة، ومن روى بالضاد المعجمة فإنما كسر الضاد إتباعاً لقوله تِبْع‏.‏

705- اتَّقِ اللّهَ فِي جَنْبِ أَخِيكَ، ولا تَقْدَحْ في سَاقِهِ‏.‏

أي لا تقتله ولا تَغْتَبه، يقال‏:‏ قَدَحَ في ساقه، إذا عابه، وقوله ‏"‏ في جنب أخيك‏"‏ أراد في أمر أخيك، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّه‏}‏ أي أمره، وقال ابن عرفة‏:‏ أي فيما تركت في أمر اللّه، يقال‏:‏ ما فعلتَ في جَنْبِ حاجتي ‏.‏ قال كُثَير‏:‏

ألا تتقين اللّه في جَنْبِ عاشِقٍ * له كَبدٌ حَرَّى عَلَيْكِ تَقَطَّعُ

وقال الفراء‏:‏ في جنب اللّه أي في قربه وجواره ‏.‏ قال الشاعر‏:‏

خَلِيليَّ كُفَّا واذْكُرَا اللّه فِي جَنْبِي*

أي في أمري بأن تَدَعَا الوقيعة فيّ‏.‏

706- تَرَكْتُ جَرَاداً كَأَنَّهُ نعَامَةٌ جَاثِمَةٌ‏.‏

جَرَاد‏:‏ موضع، أراد كثرة عُشْبه، واعْتِمامَ نبته‏.‏

707- تَرَكْنَا البِلاَدَ تُحَدِّثُ‏.‏

هذا يجوز أن يراد به الخِصْبُ وكثرة أصوات الذئاب، ويجوز أن يراد به القَفَار التي لا أنيس بها، ولا يسكنها غير الجن، كقول ذي الرمة‏:‏

لِلْجِنِّ باللَّيْلِ في حَافَاتِهَا زَجَلٌ * كما تجاوَبَ يومَ الريحِ عَيْشُومُ

708- أَتْرَبَ فَنَدَحَ‏.‏

الإتْرَابُ‏:‏ الاستغناء حتى يصير مالُه مثلَ التراب كثرة، ونَدَحَ يَنْدَحُ نَدْحاً‏:‏ إذا وسع‏.‏

يضرب لمن غني فوسَّع عليه عيشَه وبَذَّر ماله مُسْرِفا‏.‏

709- تَسْأَلُنِي أُمُّ الْخِيَارِ جَمَلاَ * يَمْشِي رُوَيْداً وَيَكُونُ أَوَّلاَ

يضرب في طَلَب ما يتعذر‏.‏

710- تَغَفَّرتْ أَرْوَى وَسِيمَاهَا البَدَنُ‏.‏

تغفرت‏:‏ أي تشبهت بالغُفْر، وهو ولد الأرْوِيَّة ‏.‏ والبَدَن‏:‏ المُسِنّ من الوُعُول، أي ‏[‏ص 141‏]‏ منظرها منظر الوُعُول المَسَان، وهي تظهر أنها غُفْر حَدَث‏.‏

711- تَهْيِيفُ بَطْنٍ شَيَّنَ الدَّرِيسُ‏.‏

التَّهْييف‏:‏ التَّضْمير، يقال‏:‏ رجل أَهْيَفُ إذا كان ضامرَ البطنِ، وذلك محمود، والتشيين‏:‏ تفعيلٌ من الشَّيْنِ وهو العَيْب ‏.‏ والدَّرِيسُ‏:‏ الثوبُ الْخَلَقُ‏.‏ وقوله ‏"‏شين‏"‏ يريد شيَّنه فحذف المفعول‏.‏

يضرب لمن له فَضْل وبَرَاعة يسترهما سوءُ حالِه‏.‏